مصادفات في الكشف والاختراع
لقد صدق المثل العربي القائل : (رب رمية من غير رام)، فكثيرا ما يتولد عن المصادفة عمل عظيم لم يكن في الحسبان، وإليك بعض الطرائف من هذه المصادفات التي كانت سببا في خير عظيم
من الكشوف العلمية والمخترعات النافعة ما جاء وليد الصدفة البحتة، فكم من باحث كان يرمي إلى غاية معينة، ولكن بحوثه أدت به إلى غاية أخرى، فد تكون أهم من الغاية التي يسعى لتحقيقها.
وكم من فرصة عارضة تمر بالباحث فيتلقفها عقله اليقظ ويغير اتجاه بحثه، فيصل منها إلى نتائج لم تكن في حسبانه،بل إنه قد يتعثر في عمله من غير قصد، فتفسد خطته المرسومة، ثم يتأمل نتائج خطئه، فإذا هي موحية بفكرة جديدة، قد تكون أجى وأنفع مما رسمه واختطَّه.
وتاريخ اعلم الحديث حافل بالشواهد الكثيرة على ذلك.
هذا عالم كان يحاول تحضير "الكينين" من قطران الفحم، فلم يستطع، ولكنه انتهى من محاولته الخائبة إلى تحضير ما هو أثمن من "الكينين" فقد وصل إلى تحضير الأصباغ المختلفة، وفتح الباب لحشد فسيح من المواد الكيماوية التي تحضر من قطران الفحم، العطور والمتفجرات وبعض العقاقير، بل يصح القول بأن هذه المحاولة أحدثت انقلابا عظيما في الكيمياء الحديثة
ولعلنا لا نزال نذكر مكتشف البنسلين، الذي كان يزرع بعض الجراثيم، فهبت ريح حملت إلى زرعه نسيجا مجهولا، فبادر ليرى أثر ذلك الزائر العارض في زرعه، ولاحظ أن هذا النسيج قد أمات الجراثيم، فدرس النسيج، وعرف أنه نوع من عفن الفاكهة، واستطاع أن يستخلص منه عقار "البنسيلين" وجربه، فكان له فعل السحر في شفاء بعض الأمراض، ثم استطاع الكيماويون أن يحضروه تركيبا، وأدى عنه إلى ظهور طائفة جديدة من العقاقير التي لها أكبر الأثر في مغالبة الموت والشفاء من كثير من الأمراض.
وحدث مرة أن أتلف أحد العمال بمصنع من مصانع الورق حوضا من أحواض العجين، وحاول بكل الوسائل أن يصلح ما أفسد، فلم يعد العجين لوضعه المألوف، وعدَّه رؤساؤه مهملا ففصلوه عن العمل، وألقى بالعجينة التالفة إلى ركن قصي، ثم تبين بعد ‘ن لها خاصَّة ظاهرة هي قوة الَّشرب والتجفيف، فكانت بداية لصناعة الورق النشَّاف.
ويشبه ذلك ما حدث منذ سنين عدة، وهو أنَّ خطأ وقع بإحدى آلات النسج في مصنع، فتعقَّدت خيوط القطن وانتفشت، وعد النسيج الناشئ عن ذلك عديم النفع، فطرح جانبا، ثم لاحظ أحد النساجين وهو يمسح به يديه أن له نعومة ظاهرة وأن فيه خاصة التشرب والامتصاص، فأخذ في نسج قطع طويلة منه اجتذبت أنظار الناس، وكان هذا مولد الفُوَط.
وفي مساء 863 كان أحد العمال قد فرغ من طلاء بعض النوافذ، وذهب بعد أن ترك الإناء الذي به زيت الطلاء مكشوفا، وعاد إليه بعد يوم أو يومين، فوجد أنه تكوَّنت فوق زيت الطلاء قشرة صلبة، وبدا له أنه أخطأ إذ ترك الزيت بلا غطاء، ثم عاد، فخطر لخاطر قام بتجربته، واتضح أن لقشرة الزيت احتمالا وبقاء إذا ضغطت على قماش وبهذا ظهر أول نوع من المشمَّع.
ونحن مدينون "للفولاذ" الذي لا يصدأ إلى خطأ حدث من نحو أربعين عاما، ففي خلال الحرب العالمية الأولى، كان أحد المعدِّنِين في مدينة "شفيلد" يبحث أمر أنابيب البنادق وأجرى التجارب على مختلف السبائك الفولاذية طالبا لأفضل المعادن لتحقيق غرضه، وكانت بإحدى السبائك نسبة كبيرة من فلز الكروم، ولقد أخفقت في أن تحقق المراد منها فألقى بها مع غيرها في المهملات. وبعد أسبوعين لاحظ أحد المساعدين أن سبيكة الفولاذ مع الكروم لم تصدأ كغيرها فصنع منها سكينا عرَّضَها لمختلف الأجواء شهرا كاملا فلم يبد عليها شيء من الصدأ، وبهذا ظهر الصُّلب الذي لا يصدأ، وهو الذي أحدث انقلابا في أدوات الجراحة وغيرها من الأدوات الفولاذية.
واللدائن الحديثة التي تستخدم في كثير من الأمور، كالأزرار وبعض المستقبلات وما إليها قد أحدثت انقلابا في كثير من الصناعات. ومن حديثها أن عالما كانت له قطة تقف إلى جانبه في المعمل فوثبت فوق رف في المعمل فقلبت إحدى الزجاجات وما في الزجاجة على قطعة من جبن، كانت داخل مصيدة للفئران، وفي الصباح وجد العالم أن الجبن قد تحول إلى مادة صلبة لامعة، وهكذا استطاعت قطة عابثة أن تساعد على كشف المادة التي تأخذ منها اللدائن.
و "أسمنت برتلند" كما نعلم جميعا مادة عظيمة القيمة ويرجع الفضل فيها إلى صانع الطوب، لقد كشف عرضا – وهو يجرب صنع الطوب بخلط مواد مختلفة – أن خليكا من الطين والحجر الجيري، إذا سخِّن في درجة عالية، طحن بعد ذلك – نشأ عنه نوع من الاسمنت يفوق كل ما عرف. ومما لا شك فيه أن الحضارة الحديثة، بما فيها من مبان شامخة قائمة على الاسمنت المسلح، وما فيها من قناطر وطرق ممهدة، مدينة لصانع الطوب الذي كان سببا في هذا الكشف العظيم.
ولا يزال رقم حوادث المواصلات مرتفعا، ولولا كشف الزجاج الذي لا يكسر لكان الرقم أعلا، ويرجع الكشف عنه لعالم كان يخلي رف معمله من إحدى الزجاجات الخالية، فوقعت من يديه، وقد انشعبت، ولكنها لم تتناثر بل بقيت متماسكة، فتذكر العالم أن الزجاجة كانت من قبل تحوي مزيجا من المواد الكيماوية المختلفة، وقد تبخر تاركا في داخل الزجاجة قشرة صلبة شفافة هي التي تمسك الأجزاء المنشعبة وتمنع تناثرها فقام العالم بتحضير المزيج، وأفلح في صنع زجاج الأمن الذي لا يكسر بسهولة، وإذا كسر لا يتطاير فيقذف بالضرر ذات اليمين وذات الشمال.
الخميس 09 يناير 2020, 01:28 من طرف algeriahome
» كعيكعات بالشكلاطة
الجمعة 11 أكتوبر 2019, 13:11 من طرف oussama
» gâteaux de fruits
الثلاثاء 17 سبتمبر 2019, 21:29 من طرف oussama
» اعرف مستواك فى اللغة الانجليزية
الخميس 11 أغسطس 2016, 14:59 من طرف منى علمدار
» إستخدم الآن الفوتوشوب أون لاين <بدون تحميل>
الأربعاء 11 مايو 2016, 13:08 من طرف sohayb bouguerra
» جميع دروس الرياضيات سنة ثانية رائعة مع التمارين والملخصات
السبت 07 مايو 2016, 01:53 من طرف البلد
» تراويح قراءة مؤثرة بمسجد دار البيضاء
الثلاثاء 15 مارس 2016, 16:22 من طرف oussama
» حصريا ألبوم تراثيات لفرقة عدنة الجزائرية جودة عالية
السبت 25 أبريل 2015, 17:05 من طرف abdelghni1071993
» ما هي أجمل منطقة سياحية عربية
الجمعة 25 أبريل 2014, 18:11 من طرف ميري
» شرح طريقة رفع الصور على موقع وأدراجها في الموضوع
الجمعة 25 أبريل 2014, 15:57 من طرف LEILA1990
» لعبة تعلم كلمات باللغة الإنجلزية
الجمعة 18 أبريل 2014, 21:22 من طرف ميري
» برنامج إصلاح النظام TuneUp Maintenance 2009 كاملا وبسريال
الأحد 29 سبتمبر 2013, 13:27 من طرف aboranim
» PS2 - Half Life برابط واحد ومباشر
الخميس 11 يوليو 2013, 19:03 من طرف mhammid azaz
» تمارين في المصفوفات مع الحل les matrices
الثلاثاء 14 مايو 2013, 22:44 من طرف amrane ismail
» مواضيع و تمارين علوم فيزيائية
الخميس 14 فبراير 2013, 17:59 من طرف haniseif