رغم ازدهار الشركات المساهمة الضخمة، والشركات العابرة للقارات، إلا أنها لا تمثل ثقلاً كبيراً في النشاط الاقتصادي، إذا ما قورنت بالنشاط العائلي، فالنشاط العائلي هو الصيغة الأكثر شيوعاً، وبالتالي الأكثر تأثيراً في الاقتصاد، وتشكل النشاطات العائلية أكثر من 75 في المئة من مجموع النشاطات العملية في معظم الاقتصادات، وتقدر نسبتها في الولايات المتحدة بنحو 80 في المئة، وفي المملكة المتحدة بنحو 76 في المئة، ومن المعتقد أن النسبة أعلى من ذلك في الشرق الأوسط، وأمريكا اللاتينية، وآسيا.
في فرنسا، يشكل النشاط العملي الذي تملكه العائلات نسبة تتراوح بين 60 و70 في المئة من إجمالي النشاطات العملية في البلاد، وقد وجدت دراسة أجرتها "إنسياد" أن أكثر من 50 في المئة من الشركات الـ 250 الأكثر تداولاً في أسواق الأسهم في فرنسا وألمانيا، تعود إلى عائلات أو أفراد. وتسيطر العائلات على عدد من الشركات الكبرى المعروفة، مثل: لورييل، بيجو، لافاييت، كارفور، وميشلان في فرنسا. ومترو، وبي. إم. دبليو في ألمانيا. وهناك شركة أنتربرو العائلية المعروفة في بلجيكا، وما كل ذلك سوى أمثلة مختارة. وتعتبر معظم الشركات المتداولة أسهمها في المملكة المتحدة ذات ملكية واسعة، غير أن العائلات تمتلك 19 في المئة من تلك الشركات. وتمتلك العائلات أو الأفراد المؤسسون ثلث تلك الشركات الـ 500 التي تشكل مؤشر ستاندرد آند بورز.
قليلة هي الدراسات التي تتناول الشركات العائلية في الخليج، ومنها تقرير أطلقته "إثمار كابيتال"، بالتعاون مع مؤسسة "داو جونز" ويغطي مواضيع مختلفة، بما فيها إعادة الهيكلة، إستراتيجية السوق، الحوكمة، تعاقب الملكية والإدارة، إلى جانب عرض مناهج وإستراتيجيات مقترحة للشركات العائلية ومؤسسات الاستثمار في الشركات الخاصة. كما ضم التقرير بعض الدراسات العملية، وقد جاء فيه أن عدد الشركات العائلية في دول مجلس التعاون الخليجي تجاوز 5000 شركة، تدير ما يزيد على 90 بالمئة من الأنشطة التجارية في المنطقة. وتقدر قيمة الأصول الكلية لهذه الشركات بأكثر من 500 مليار دولار أميركي، وتشغل 70 بالمئة من قوة العمل في دول المجلس، مما يشكل أهم الأسباب لدراستها ومعرفة التحديات التي قد تواجهها هذه الشركات في المستقبل، وهي تحديات تتشابه في طبيعتها مع ما واجهته الشركات العائلية في مناطق أخرى من العالم، سبق وأن تعرضت لها، ولعل أهم هذه التحديات هو انتقال الملكية من جيل إلى جيل، إذ تشير الدراسات إلى أن 30 بالمئة فقط من الشركات العائلية على مستوى العالم تمكنت من الاستمرار في ممارسة نشاطها حتى الجيل الثاني من الإدارة العائلية، في حين استطاع أقل من 6 بالمئة مواصلة المنافسة حتى ما بعد الجيل الثالث، ولكن ورغم صعوبة انتقال السلطة والملكية في هذه الشركات، إلا أن عدداً من الشركات العائلية استطاع تجاوز عقبة الجيل الثالث، وقد استطاعت أن تتغلب على التقلبات السياسية والاجتماعية التي حصلت في بلادها، في نفس الوقت الذي تابعت فيه التطورات التقنية اللازمة لاستمرار العمل وتطويره، وظلت الأجيال المتتابعة تسهم في تقدم تلك الشركات بصورة قوية، مبدية درجات عالية من الالتزام والجدية. وعلى سبيل المثال، احتفلت عائلة "وندل" مؤخراً بمرور 300 عام على بدء نشاطاتها العملية، إضافة إلى أن رئيس مجلس الإدارة الحالي، إيرنست سيليريه، ينتمي إلى الجيل التاسع من هذه العائلة، وهناك شركات أخرى معمرة، مثل "بيجو" التي أنشئت في أوائل القرن التاسع عشر، و"فورد" التي تستمر مع جيلها الخامس، وهناك عائلة "موجي" اليابانية المستمرة في صناعة صلصة الصويا منذ عام 1630م، ونشاطات عائلة "مورانو" الذي يعود إلى عام 1295م، وهناك فندق هوشي الياباني الذي تم تأسيسه عام 717م.
وقد ورد في دراسة إنسياد: "الواقع أن انتقال السلطة من جيل إلى جيل أمر صعب، ولكن عدداً من الشركات العائلية استطاعت تجاوز عقبة الجيل الثالث من الورثة المالكين، والواقع أن ثلث تلك الشركات يستطيع المرور من أزمة الجيل الثالث، مع أنه لا يعرف الكثير عن مصير الشركات التي تنتقل ملكيتها إلى جهات خارج عائلة المؤسسين. فهل يتم بيعها؟. إن بحوثنا تفيد أن بعض تلك الشركات تم بيعها من قبل المؤسسين إلى أحد أفراد العائلة، وينظر المؤسس إلى عملية البيع على أساس أنها خطوة في نشاطه العملي، أما في حالات أخرى، فإن العائلة يمكن أن تدرك أن الشركة متخلفة عن التطورات السائدة في الأسواق، كما أن العائلة غير قادرة على إدخال التعديلات المطلوبة، وهناك بعض الحالات التي يدخل فيها أفراد العائلة في صراعات جانبية يستحيل معها العمل معاً، ومن المحتمل أن يؤدي ذلك إلى بيع الشركة كحل سريع، كما أن هناك حالات تحملت فيها العائلات خسائر شركاتها لسنوات طويلة".
من السهل ملاحظة أن ما حدث في العالم يحدث الآن في الخليج، ففي الإمارات تفرقت عائلة الفطيم، وفي الكويت عائلة الشايع، وفي السعودية عائلة الراجحي، وفي البحرين عائلة كانو، وغيرهم كثير، إضافة إلى خلافات أخرى لم تظهر إلى العلن بعد، وكلها حصلت مع الجيل الثاني، ولابد أن الجيل الثالث سيحمل معه خلافات أكثر وأكبر، خاصة مع انفصال العائلات إلى وحدات أسرية صغيرة، حيث تتم تربية أبناء العمومة في أسر منفصلة، وبالتالي فمن المحتمل حدوث اختلافات في القيم، ومن الممكن أن يعمل بعض أبناء العائلات في شركتهم، بينما يمتنع آخرون عن ذلك، ويسعى أولئك العاملون في الشركة إلى الاستثمار فيها، بينما يتخوف الآخرون من اختفاء حصصهم، أو أنهم يرغبون في بيعها، مما يؤدي إلى اختفاء تلك الشركة.
في هذا السياق، قامت شركة "أرنست آند يونغ" الشرق الأوسط، بإعداد دراسة تناولت مستقبل الشركات العائلية في ضوء التحديات الحالية في الخليج، وقد توصلت إلى أن عدم التوصل إلى صيغة ملائمة للتخطيط الإستراتيجي في هذه الشركات، يشكل تحدياً كبيراً في طريق استمرارها لما بعد الجيل الإداري الثالث، خاصة أن هذا الأمر يساهم في عدم وضوح الهيكل التنظيمي للشركات العائلية في الوقت الراهن.
واشتملت الدراسة، التي تم الكشف عنها خلال منتدى الأعمال العائلية في فندق قصر الإمارات بأبوظبي، على مجموعة من الأرقام والنسب التي تظهر طبيعة التحديات وواقع الشركات العائلية في ست دول في الشرق الأوسط، حيث بينت النتائج أن 20 بالمئة من الشركات العائلية لا تملك خطة إستراتيجية واضحة للأعمال، بينما 54 بالمئة منها أجمعت على أنها تحتاج إلى تعديل في خططها، فيما 56 بالمئة تعتقد بأن لديها سياسة محددة وواضحة يمكن أن تكون خطة إستراتيجية لأعمالها.
وتضمنت الدراسة معلومات حول وجود فجوة كبيرة في عملية انتقال ملكية الشركات، ورسم الخطط للأجيال الإدارية المتلاحقة، بينما كانت مسألة العمر بلا تأثير واضح على قوة أو ضعف الأعمال التي تقوم بها هذه الشركات، مع ظهور حالات من التحفظ على مواجهة أي تحد كحقيقة واضحة.
ولفتت الدراسة الأنظار إلى أهمية الابتعاد عن رؤية العائلة للأعمال والاستثمار، والتحول إلى الرؤية الشاملة للنجاح والتميز في الأعمال. فيما جاءت توصيات وضع برنامج للتطوير الإداري وتحديد المهام الوظيفية لكل فرد في الشركة لتثير نقاشاً حول أهمية هذا الموضوع في تسيير حركة العمل اليومي بسلاسة ومهنية عالية.
وعودة إلى تقرير إثمار كابيتال وداو جونز، الذي توصل إلى توصيات جاء فيها: إن التواصل بين الشركات العائلية وقطاع الاستثمار في الشركات الخاصة قد يحمل مستقبلاً زاهراً للعديد من هذه الشركات، وأن كافة الأطراف تستطيع التطلع إلى مستقبل مزدهر، إذا نجح التحالف بين الطرفين في توفير بيئة تمكن المدراء من اتخاذ القرارات كأصحاب للشركة، في الوقت الذي لا يتدخل فيه أصحاب الشركات في الإدارة.
الخميس 09 يناير 2020, 01:28 من طرف algeriahome
» كعيكعات بالشكلاطة
الجمعة 11 أكتوبر 2019, 13:11 من طرف oussama
» gâteaux de fruits
الثلاثاء 17 سبتمبر 2019, 21:29 من طرف oussama
» اعرف مستواك فى اللغة الانجليزية
الخميس 11 أغسطس 2016, 14:59 من طرف منى علمدار
» إستخدم الآن الفوتوشوب أون لاين <بدون تحميل>
الأربعاء 11 مايو 2016, 13:08 من طرف sohayb bouguerra
» جميع دروس الرياضيات سنة ثانية رائعة مع التمارين والملخصات
السبت 07 مايو 2016, 01:53 من طرف البلد
» تراويح قراءة مؤثرة بمسجد دار البيضاء
الثلاثاء 15 مارس 2016, 16:22 من طرف oussama
» حصريا ألبوم تراثيات لفرقة عدنة الجزائرية جودة عالية
السبت 25 أبريل 2015, 17:05 من طرف abdelghni1071993
» ما هي أجمل منطقة سياحية عربية
الجمعة 25 أبريل 2014, 18:11 من طرف ميري
» شرح طريقة رفع الصور على موقع وأدراجها في الموضوع
الجمعة 25 أبريل 2014, 15:57 من طرف LEILA1990
» لعبة تعلم كلمات باللغة الإنجلزية
الجمعة 18 أبريل 2014, 21:22 من طرف ميري
» برنامج إصلاح النظام TuneUp Maintenance 2009 كاملا وبسريال
الأحد 29 سبتمبر 2013, 13:27 من طرف aboranim
» PS2 - Half Life برابط واحد ومباشر
الخميس 11 يوليو 2013, 19:03 من طرف mhammid azaz
» تمارين في المصفوفات مع الحل les matrices
الثلاثاء 14 مايو 2013, 22:44 من طرف amrane ismail
» مواضيع و تمارين علوم فيزيائية
الخميس 14 فبراير 2013, 17:59 من طرف haniseif