قصيدة "وصف الحمى" للمتنبي

مَلومُكُمـا يَجِـلُّ عَـنِ الـمَـلامِ </SPAN>" " وَوَقـعُ فَعالِـهِ فَـوقَ </SPAN>الـكَـلامِ
ذَرانـي وَالفَـلاةَ بِـلا دَلـيـلٍ </SPAN>" " وَوَجهـي وَالهَجيـرَ بِـلا لِثـامِ
فَإِنّـي أَستَريـحُ بِــذا وَهَــذا </SPAN>" " وَأَتعَـبُ بِالإِنـاخَـةِ </SPAN>وَالمُـقـامِ
عُيونُ رَواحِلي إِن حُرتُ عَينـي </SPAN>" " وَكُـلُّ بُغـامِ رازِحَـةٍ </SPAN>بُغـامـي
فَقَـد أَرِدُ المِيـاهَ بِغَيـرِ هــادٍ </SPAN>" " سِوى عَدِّي لَهـا بَـرقَ </SPAN>الغَمـامِ
يُـذِمُّ لِمُهجَتـي رَبّـي وَسَيفـي </SPAN>" " إِذا اِحتاجَ الوَحيـدُ إِلـى </SPAN>الذِمـامِ
وَلا أُمسي لِأَهـلِ البُخـلِ ضَيفًـا " " وَلَيسَ قِرىً سِـوى مُـخِّ </SPAN>النِعـامِ
فَلَمّـا صـارَ وُدُّ النـاسِ خِـبًّـا </SPAN>" " جَزَيـتُ عَلـى اِبتِسـامٍ </SPAN>بِاِبتِسـامِ
وَصِرتُ أَشُـكُّ فيمَـن أَصطَفيـهِ " " لِعِلمـي أَنَّـهُ بَـعـضُ الأَنــامِ
يُحِبُّ العاقِلونَ عَلـى التَصافـي </SPAN>" " وَحُبُّ الجاهِليـنَ عَلـى </SPAN>الوَسـامِ
وَآنَفُ مِن أَخـي لِأَبـي وَأُمّـي </SPAN>" " إِذا ما لَـم أَجِـدهُ مِـنَ </SPAN>الكِـرامِ
أَرى الأَجـدادَ تَغلِبُهـا جميـعًـا </SPAN>" " عَلـى الأَولادِ أَخـلاقُ اللِـئـامِ
وَلَستُ بِقانِـعٍ مِـن كُـلِّ فَضـلٍ </SPAN>" " بِـأَن أُعـزى إِلـى جَـدٍّ </SPAN>هُمـامِ
عَجِبـتُ لِمَـن لَـهُ قَـدٌّ وَحَـدٌّ </SPAN>" " وَيَنبـو نَبـوَةَ القَضِـمِ </SPAN>الكَـهـامِ
وَمَن يَجِدُ الطَريقَ إِلـى المَعالـي " " فَـلا يَـذَرُ المَطِـيَّ بِـلا </SPAN>سَنـامِ
وَلَم أَرَ في عُيوبِ النـاسِ شَيئًـا </SPAN>" " كَنَقصِ القادِريـنَ عَلـى التَمـامِ
أَقَمتُ بِأَرضِ مِصرَ فَلا وَرائـي </SPAN>" " تَخُبُّ بِـيَ المَطِـيُّ وَلا </SPAN>أَمامـي
وَمَلَّنِيَ الفِـراشُ وَكـانَ جَنبـي </SPAN>" " يَمَـلُّ لِقـاءَهُ فـي كُـلِّ </SPAN>عــامِ
قَليـلٌ عائِـدي سَقِـمٌ فُــؤادي </SPAN>" " كَثيرٌ حاسِـدي صَعـبٌ </SPAN>مَرامـي
عَليـلُ الجِسـمِ مُمتَنِـعُ القِـيـامِ </SPAN>" " شَديدُ السُكرِ مِـن غَيـرِ </SPAN>المُـدامِ
وَزائِرَتـي كَـأَنَّ بِهـا حَـيـاءً </SPAN>" " فَلَيـسَ تَـزورُ إِلّا فـي </SPAN>الظَـلامِ
بَذَلتُ لَها المَطـارِفَ وَالحَشايـا </SPAN>" " فَعافَتهـا وَباتَـت فـي </SPAN>عِظامـي
يَضيقُ الجِلدُ عَن نَفسـي وَعَنهـا </SPAN>" " فَتوسِـعُـهُ بِـأَنـواعِ </SPAN>السِـقـامِ
إِذا مـا فارَقَتـنـي غَسَّلَتـنـي </SPAN>" " كَأَنّـا عاكِفـانِ عَلـى </SPAN>حَــرامِ
كَأَنَّ الصُبـحَ يَطرُدُهـا فَتَجـري </SPAN>" " مَدامِعُـهـا بِأَربَـعَـةٍ سِـجـامِ
أُراقِبُ وَقتَها مِـن غَيـرِ شَـوقٍ </SPAN>" " مُراقَبَـةَ المَشـوقِ </SPAN>المُستَـهـامِ
وَيَصدُقُ وَعدُها وَالصِـدقُ شَـرٌّ </SPAN>" " إِذا أَلقاكَ فـي الكُـرَبِ </SPAN>العِظـامِ
أَبِنتَ الدَهـرِ عِنـدي كُـلُّ بِنـتٍ " " فَكَيفَ وَصَلتِ أَنتِ مِـنَ </SPAN>الزِحـامِ
جَرَحتِ مُجَرَّحًا لَـم يَبـقَ فيـهِ </SPAN>" " مَكـانٌ لِلسُيـوفِ وَلا </SPAN>السِـهـامِ
أَلا يا لَيتَ شَعـرَ يَـدي أَتُمسـي </SPAN>" " تَصَـرَّفُ فـي عِنـانٍ أَو </SPAN>زِمـامِ
وَهَل أَرمي هَـوايَ بِراقِصـاتٍ </SPAN>" " مُـحَـلّاةِ المَـقـاوِدِ </SPAN>بِالـلُـغـامِ
فَرُبَّتَما شَفَيـتُ غَليـلَ صَـدري </SPAN>" " بِسَـيـرٍ أَو قَـنـاةٍ أَو </SPAN>حُـسـامِ
وَضاقَت خُطَّةٌ فَخَلَصـتُ مِنهـا </SPAN>" " خَلاصَ الخَمرِ مِن نَسـجِ </SPAN>الفِـدامِ
وَفارَقـتُ الحَبيـبَ بِــلا وَداعٍ </SPAN>" " وَوَدَّعـتُ البِـلادَ بِـلا </SPAN>سَــلامِ
يَقولُ لي الطَبيـبُ أَكَلـتَ شَيئًـا </SPAN>" " وَداؤُكَ فـي شَرابِـكَ وَالطَعـامِ
وَمـا فـي طِبِّـهِ أَنّـي جَـوادٌ </SPAN>" " أَضَـرَّ بِجِسمِـهِ طـولُ </SPAN>الجِمـامِ
تَعَـوَّدَ أَن يُغَبِّـرَ فـي السَرايـا " " وَيَدخُـلَ مِـن قَتـامِ فـي </SPAN>قَتـامِ
فَأُمسِـكَ لا يُطـالُ لَـهُ فَيَرعـى " " وَلا هُوَ في العَليـقِ وَلا اللِجـامِ
فَإِن أَمرَض فَما مَرِضَ اِصطِباري " " وَإِن أُحمَمْ فَمـا حُـمَّ اِعتِزامـي
وَإِن أَسلَـم فَمـا أَبقـى وَلَكِـن </SPAN>" " سَلِمتُ مِنَ الحِمامِ إِلـى الحِمـامِ
تَمَتَّـع مِـن سُهـادِ أَو رُقــادٍ </SPAN>" " وَلا تَأمُل كَـرًى تَحـتَ </SPAN>الرِجـامِ
فَـإِنَّ لِثالِـثِ الحالَيـنِ مَعـنـىً </SPAN>" " سِوى مَعنـى اِنتِباهِـكَ وَالمَنـامِ</SPAN>